
الناتج المحلي الإجمالي ونفقات الإستهلاك الشخصي الجوهري الأمريكيين, بيانات تسيطر على أذهان المستثمرين
بعد البيانات التي أشارت بأن الاقتصاد الأمريكي يسير على خطى التعافي التدريجي مخلفا وراءه أسوأ مرحلة من أزمة الركود منذ الكساد العظيم، والتي صدرت خلال الأسبوع المنصرم، متمثلة بكل من مؤشر أسعار المنتجين ومؤشر أسعار المستهلكين واللذان ارتفعا بأعلى من المتوقع خلال تشرين الثاني، وبعد غياب البيانات في أول أيام الأسبوع، يوم أمس الإثنين، يتأهب المستثمرين البيانات الصادرة لهذا اليوم الثلاثاء، متأملّين استمرارية بوادر التعافي التي تساعد على لتقييم مدى تقدم الاقتصاد الأمريكي على مدار الفترة الماضية وتحديد وجهته خلال الفترة القادمة.
حيث نبدأ البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي عزيزي القارئ بالقراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي السنوي عن الربع الثالث والذي من المتوقع أن يبقى ثابتا عند نسبة 2.8%، وذلك إلى جانب القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي للأسعار الحالية ايضا عن الربع الثالث والتي من المتوقع أن تبقى على ما هي عليه عند 0.5%.
ومن ثم تنتقل بنا البيانات إلى القراءة النهائية إلى كل من نفقات الإستهلاك الشخصي ونفقات الإستهلاك الشخصي الجوهري أي باستثناء الغذاء والطاقة وذلك عن الربع الثالث، واللذان من المتوقع أن يبقيا أيضا عن القراءة السابقة أي عند 2.9% و 1.3% على التوالي.
ومن الجدير بالذكر أن الاقتصاد الأمريكي أظهر العديد من مؤشرات التعافي التدريجي خلال الأشهر القليلة الماضية، وذلك على مستوى شتى القطاعات الرئيسية في الاقتصاد، مدعومة بالبرامج والخطط التحفيزية التي تبنتها الحكومة الأمريكية إلى جانب البنك الفدرالي الذي تمحور تركيزهم على تحفيز مستويات الإنفاق لدى المستهلك الأمريكي.
ولكن ليس من الجدير بنا أن نتوقع التقدم الكبير في الاقتصاد الأمريكي، وذلك وسط العوائق التي تقف أمام نموه بالشكل الأوضح، حيث بالرغم من تراجع معدلات البطالة خلال الشهر المنصرم لتصل إلى 10.0% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 10.2%، إلا أنها لا تزال تحوم حول المستويات الأعلى لها منذ 26 عام.
واضعين بالإعتبار أن معدلات البطالة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني والتي تحد من امكانية أو سهولة الحصول على قروض جديدة، الأمر الذي يؤثر سلبا على على مستويات الدخل الشخصي والتي تنعكس بالتالي على إنفاق المستهلك، مع العلم أن إنفاق المستهلك يشكل ما نسبته ثلثي النمو الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية.
مشيرين أيضا عزيزي القارئ بأن هناك عائقا يقف أمام تعافي الاقتصاد الأمريكي والذي وإن كان غير واضحا على المدى القريب إلا أنه يبقى تهديدا يجب الحذر منه، ألا وهو التضخم، وذلك على الرغم أيضا من أن سياسة البنك الفدرالي تحتم التركيز على تحقيق النمو بدلا من التركيز على مستويات التضخم، وهذا لا ينفي أن معدلات التضخم لا تشكل تهديدا ولو ضئيلا على المدى البعيد على الأقل.
ولكن يجب أن لا ننسى أيضا بأن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري يعتبر مقياس التضخم لدى البنك الفدرالي لن يعطي التحليل الدقيق حول مستويات التضخم، وذلك في ظل أن المؤشر يغطي فترة ربع سنوية، في حين أن المؤشر نفسه والذي يغطي فترة شهر سيكون أكثر دقة في تحديد مدى تأثير مستويات التضخم على الاقتصاد الأمريكي.
وهنا يجب علينا القول أن الخطط والبرامج التحفيزية كانت تمثل سلاح ذو حدين، حيث بالرغم من أن هذه الخطط هدفت إلى تعزيز إنفاق المستهلك، إلا انها أيضا أتاحت الفرصة أمام العرض النقدي للارتفاع وسط فتح محابس السيولة بشكل كبير دعما للنظام المالي، مشكلة مخاطر تضخمية على المدى البعيد.
وأخيرا سيصدر عن الاقتصاد الأمريكي اليوم مؤشر مبيعات المنازل القائمة عن شهر تشرين الثاني والتي من المتوقع أن ترتفع قليلا اي بنسبة 2.5% أو 6.25 مليون وحدة سكنية مقارنة بالارتفاع السابق والذي بلغ 10.1% أو 6.10 مليون وحدة سكنية، حيث أن قطاع المنازل الأمريكي تأثر إيجابا جراء تمديد برنامج الإعفاء الضريبي والذي شجع المشترين للمنازل الجديدة الإقدام على شراء منازل جديدة وسط إعفائهم من مبلغ 8000 دولار.
يبقى لنا عزيزي القارئ أن نتابع الأحداث التي قد تسهم في رفع مشاعر التفاؤل لدى المستثمرين أو قد تشكل قلق لديهم وسط أهمية البيانات المصدرة عن الاقتصاد الأمريكي خلال اليومين القادمين، مشيرين أن المؤشرات الأمريكية ارتفعت في تعاملاتها الآجلة، حيث ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي في تعاملاته الآجلة 46.00 نقطة ليصل إلى مستويات 10388.00 نقطة، بينما ارتفع مؤشر S&P 500 في تعاملاته الآجلة 5.50 نقطة ليصل إلى مستويات 1114.00 نقطة، أما مؤشر النازداك فقد صعد 11.00 نقطة ليصل إلى مستويات 1836.50 نقطة.
0 التعليقات: