قرار البنك المركزي البريطاني: الإبقاء على سعر الفائدة و برنامج شراء الأصول دون تغير
جاء قرار البنك المركزي البريطاني اليوم متوافقا مع التوقعات السائدة في الأسواق من حيث الابقاء على سعر الفائدة عند أدنى مستوياته بنسبة 0.5% وذلك للشهر الثاني عشر على التوالي بعد أن وصل البنك إلى هذا المستوى في مارس/آذار من العام السابق, وهذا وقد أعلن البنك عن الابقاء على برنامج شراء الأصول دون تغير بقيمة 200.00 بليون جنيه إسترليني حتى تتضح آثار البرنامج على الإقتصاد ومن ثم تحديد ما إذا يتم الوقف النهائي أو التوسع في قيمة البرنامج.
في نفس هذا الوقت من العام السابق قام البنك المركزي البريطاني بخفض سعر الفائدة إلى هذا المستوى و هو الأدنى على الإطلاق منذ تأسيس البنك, فيما لم يكن خفض سعر الفائدة وحده كافيا للحد من تعمق الركود الاقتصادي في البلاد ومن ثم اتجه البنك إلى تطبيق برنامج شراء الأصول من أجل دعم مستويات السيولة في الأسواق عن طريق شراء السندات و الأوراق التجارية وبالتالي خفض تكلفة الاقتراض و دعم مستويات الإنفاق ومن ثم دعم التضخم ليظل عند المستوى الآمن لاستقرار الاسعار بنسبة 2.0% حيث كانت مخاطر الانخفاض التضخمي تلوح في الأفق في ذلك الوقت.
برنامج شراء الأصول بدأ بقيمة 75.00 بليون جنيه إسترليني في شهر مارس/آذار من عام 2009 ومن ثم تم رفع قيمة البرنامج بشكل تدريجي كلما ترآى للبنك استمرار حاجة الاقتصاد البريطاني للمزيد من الدعم, وفي شهر مايو/أيار تم زيادة البرنامج بقيمة 50.00 بليون جنيه إسترليني تبعها زيادة أخرى بنفس القيمة في أغسطس/آب إلى أن وصلت قيمة البرنامج إلى 200.00 بليون جنيه في نوفبمر/تشرين الثاني ومن ثم استمر البنك في الابقاء على نفس المستوى حتى يتم تقييم تأثيرات البرنامج على الأوضاع في البلاد.
وحتى الآن لايزال الباب مفتوحا نحو المزيد من التوسع لبرنامج شراء الأصول وفقا لما أعلنه السيد كينج رئيس البنك المركزي البريطاني في تصريحات سابقة, وهذا ما يؤكد عليه السيد David Miles أحد أعضاء لجنة السياسة النقدية حيث يشير إلى استمرار وجود المخاطر السلبية التي تضغط على مستويات النمو بجانب التضخم خاصة في الوقت الذي يهيمن الضعف فيه على عمليات الائتمان لذا يناشد بضرورة التوسع في قيمة البرنامج و الذي يتوقع أن يتم زيادته مستقبلا ليصل إلى 215.00 بليون جنيه إسترليني.
وحتى إن كان الاقتصاد البريطاني قد حقق النمو في الربع الرابع بمقدار 0.3% بعد ستة ارباع متتالية من الإنكماش التاريخي الأسوا منذ الحرب العالمية الثاني إلا أن عملية التعافي الاقتصادي و استمرار النمو مازالت محفوفة بالمخاطر خاصة أن تحقق النمو جاء بفعل التوسع في الإنفاق العام وهو ما أرهق الموازنة العامة للبلاد لتسجل أسوأ عجز تاريخي على الإطلاق وكذا جاء بفعل الإجراءات التي اتخذها البنك البريطاني من أجل دعم الاقتصاد.
بالنسبة للتضخم فإن الارتفاع الهائل الذي شهده في شهر يناير/كانون الثاني ليصل إلى 3.5% الأعلى منذ نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2008 لايعبر عن حالة من ارتفاع النمو الاقتصادي أو من ارتفاع مستويات الطلب و الإستهلاك في البلاد بل يعكس بعض من العوامل المؤقتة التي أثرت على المستوى العام للأسعار من حيث رفع سعر ضريبة المبيعات من 15.00% إلى 17.5% و ارتفاع أسعار الطاقة عالميا وأخيرا تراجع قيمة الجنيه الإسترليني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السلع وعوامل الانتاج المستوردة وإن كان له التأثير الإيجابي على دعم صادرات البلاد.
هذا ولم يستقر بعد سوق العمل في البلاد فالبيانات التي صدرت مؤخراً تظهر استمرار ضعف سوق العمل و إن كان معدل البطالة مستقرا عند مستوى 7.8% إلا أن طلبات الاعانة ارتفعت في شهر يناير/كانون الثاني إلى 23.5 ألف شخص على إعانات البطالة في شهر يناير/كانون الثاني ليصل بذلك إجمالي عدد الطلبات إلى 1.64 مليون وهو أعلى مستوى منذ ابريل/نيسان من عام 1997, على النقيض من ذلك اظهرت البيانات ارتفاع أداء وتوسع نمو القطاعات الرئيسية مثل القطاع الخدمي و الصناعي الذي يساهم بنحو 75.00% و 18.00% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي.
الآن مازالت العقبات تقف أمام الاقتصاد البريطاني فمن ناحية تحاول الحكومة دعم مستويات النمو إلا أن ذلك أثر سلبا على الموازنة العامة للبلاد, لذا فإن اية محاولات لخفض الإنفاق العام بشكل كبير من شأنه يقوض عملية التعافي للبلاد, كما أن الإضطراب السياسي الذي قد تشهده البلاد في الإنتخابات المقبلة ومن ثم المزيد من الضغوط السلبية على عملية التعافي.
0 التعليقات: