أسبوع جديد للاقتصاد الأمريكي, والمستثمرون بانتظار بيانات هامة
أشعل البنك الفدرالي بحلول نهاية الأسبوع الماضي فتيل المفاجآت من خلال رفعه لسعر فائدة الخصم بخطوة غير متوقعة، لتصبح هذه الخطوة بمثابة مؤشر إلى اقتراب انتهاء سياسة التخفيف النقدي المتبعة من قبل البنك الفدرالي منذ بداية الأزمة المالية، في حين أن الأسبوع القادم سيحمل لنا في طياته بيانات ذات أهمية عالية والتي قد ترفع من درجة وضوح الوضع الاقتصادي الأمريكي خلال الفترة القليلة الماضية، بيد أن الأسواق ستكون بانتظار البيان الأهم والمتمثل في القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام 2009.
والبداية ستكون مع قطاع المنازل الأمريكي، والذي سيصدر عنه مؤشر S&P CaseShiller لأسعار المنازل، إضافة إلى مؤشر S&P /CS المركب 20 ذلك الذي يقيس أسعار المنازل في عشرين مقاطعة أمريكية، حيث من المتوقع أن يظهر المؤشر أن أسعار المنازل واصلت انخفاضها خلال شهر كانون الثاني، في حين أن حدة الانخفاض ستكون بسيطة نوعا ما، وذلك على إثر استمرارية استقرار قطاع المنازل من أسوأ ركود منذ سبعة عقود.
واضعين بعين الاعتبار أن البنك الفدرالي أشار في محضر اجتماع اللجنة الفدرالية والصادر الأسبوع المنصرم أن النشاطات الاقتصادية في قطاع المنازل قد تقلصت بعض الشيء خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الحكومة الأمريكية لم تنقطع عن تقديم الدعم إلى القطاع وذلك عن طريق تمديد برنامج الإعفاء الضريبي لمشتري المنازل لأول مرة، بيد أن معدلات البطالة لا تزال مرتفعة إلى جانب الأوضاع الائتمانية التي لا تزال شديدة، مضيفين إلى ذلك ارتفاع قيم حبس الرهن العقاري، وذلك ما سيجعل قطاع المنازل تحت الضغوطات لفترة من الوقت.
في حين من المتوقع أن تشهد مبيعات كل من المنازل الجديدة والمنازل القائمة تقدماً بسيطاً، وهذا ما سيزيد من المؤشرات المختلطة التي صدرت عن قطاع المنازل، والتي تشير تارة إلى استقرار الأوضاع في القطاع وتارة تشير إلى ان القطاع بحاجة إلى مزيد من الوقت لتحقيق التعافي التام.
وتنتقل بنا البيانات بعدها إلى طلبات البضائع المعمرة والتي ستصدر عن شهر كانون الثاني، حيث من المتوقع أن ترتفع بوتيرة كبيرة خلال كانون الثاني لتعكس تحسن الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي ككل، وذلك في خضم التطور الطفيف الذي شوهد في مستويات الطلب التي آخذت بالتحسن التدريجي، مما قد ينعكس بالإيجاب على مستويات إنفاق المستهلك.
مشيرين هنا إلى ان مستويات الإنفاق لدى المستهلك مرتبط بصلة وثيقة مع ثقة المستهلكين أنفسهم، حيث أن ارتفاع ثقة المستهلكين ينبغي أن يتمثل في إنفاق أكثر من قبلهم، وذلك مع العلم ان التحسن الطفيف الذي لاحظناه في مستويات إنفاق المستهلكين كان مصحوبا بارتفاع ثقتهم، بيد أن المجلس التشاوري الأمريكي يتوقع تقلص ثقة المستهلكين خلال شهر شباط الحالي، وذلك وسط معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني التي تحد من ثقة المستهلكين وبالتالي من المتوقع أن يتقلص إنفاق المستهلكين، في حين أن التوقعات تشير إلى ارتفاع مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين في قراءته النهائية، مسلطين الضوء هنا إلى أن التوقعات الإجمالية تنحصر حول أن الاقتصاد الأمريكي سيشهد تباطؤ في الأداء نوعا ما خلال الفترة المقبلة، وهذا ما يؤكد التوقعات بخصوص ثقة المستهلكين.
وعلى صعيد آخر من المتوقع أن يظهر مؤشر شيكاغو لمدراء المشتريات تقلصا في النشاطات خلال شباط الحالي، وهذا ما ينفي البيانات التي صدرت خلال الفترة الماضية عن قطاع الصناعة الأمريكي والذي أظهر بأنه تمكن من الخروج من المرحلة الأسوأ من الركود منذ بداية الثمانينات.
واصلين إلى البيان المترقب من قبل الأسواق بفارغ الصبر، ألا وهو القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع من العام 2009، فإن التوقعات تشير إلى أن القراءة السابقة سيتم تعديلها إلى 5.6% مقارنة بالقراءة الأصلية التي بلغت 5.7% وذلك في القراءة المتقدمة التي صدرت مسبقا، إلا أن إنفاق المستهلك سيواصل دعمه للنمو في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن إنفاق المستهلكين من المحتمل أن يواصل ارتفاعه وسط الدعم المقدم من قبل الحكومة الأمريكية.
ومن المتوقع أن يواصل الاقتصاد الأمريكي توسعه خلال هذه الفترة من العام، إذ أن الاحتمالية الكبرى تشير أن هذا العام سيكون عام التعافي للاقتصاد الأمريكي، حيث أن مختلف القطاعات الأمريكية أشارت إلى أن المرحلة الأسوأ من أزمة الركود منذ الكساد العظيم قد تلاشت وأن الاقتصاد يسير في الوقت الحالي على خطى التعافي.
ومن الجانب الآخر، ستستمر الشركات الأمريكية، الكبيرة منها والصغيرة، في الإعلان عن أدائها خلال الربع الأخير من العام المالي لكل شركة، وبالتالي من المتوقع أن نشهد استمرارية التأرجح في سوق الأسهم الأمريكية خلال الفترة القادمة، واضعين بعين الاعتبار أن معظم الشركات التي أعلنت عن نتائجها تفوقت على توقعات الأسواق، في حين أن الغمامة لا تزال تغطي على أعين المستثمرين بخصوص حقيقة الوضع الاقتصادي وحول مستوى التعافي التي تمر به الولايات المتحدة الأمريكية، حين أن المستثمرين يتجنبون في الوقت الحالي الإقدام على الاستثمارات ذات الخطورة العالية، وهذا ما يفسر التباين الذي مر على الأسواق عامة وعلى سوق الأسهم خاصة.




0 التعليقات: