الأسواق تنتظر إصدار الناتج المحلي الإجمال في الولايات المتحدة .. لنشهد هدوءاً في تداولات اليوم عقب جلسة مليئة بالأحداث يوم أمس
وصلنا إلى آخر أيام الأسبوع عزيزي القارئ، حيث فقدت الأسهم الأمريكية معظم أرباحها والتي سجلتها على مدار الجلسة بحلول إغلاق الجلسة الأمريكية يوم أمس، عقب التشاؤم الذي ساد الأسواق بسبب فشل القادة الأوروبيين في الاتفاق على خطة إنقاذ محددة بالنسبة لليونان، في حين قاد العرض المخيب للآمال والذي قدمته وزارة الخزينة الأمريكية موجة من انتشار المخاوف حول صراع الحكومات في جميع أنحاء العالم مع مستويات ديونها العام الحالية، مع الإشارة إلى أن المستثمرون يترقبون صدور القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من العام 2009 ، حيث تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الأمريكي توسع في أنشطته بنسبة كبيرة، ليواصل الاقتصاد الأمريكي عجلة تعافيه وانتعاشه.
مؤشر الداو جونز الصناعي فقد يوم أمس معظم أرباحه المسجلة على مدار الجلسة، ليرتفع المؤشر في تداولاته المبكرة بنسبة 1% حيث أنهى المؤشر تداولاته دون أي تغيير يذكر، في حين اكتست مؤشرات S&P 500 و الناسداك المجمع تداولات الأمس باللون الأحمر، حيث أدى الارتفاع الذي شهده الدولار الأمريكي إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية بما فيها الذهب والنفط، حيث اتجه المستثمرون نحو الأصول ذات العائد المنخفض في استثماراتهم.
ما تزال الأوضاع الاقتصادية حول العالم تواجه المزيد من التحديات عزيزي القارئ، حيث لا زالت تبعات أسوأ أزمة مالية تعم العالم منذ الحرب العالمية الثانية تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاديات العالمية، وبالتالي فإن الحكومات حول العالم تكافح من أجل المساعدة في انعاش النمو الاقتصادي ، وهذا الواقع اضطر الحكومات الى مضاعفة جهودها وتوسيع انفاقهم العام، مما أخضع بالفعل العديد من البلدان لضغوط هائلة وسط ارتفاع مستويات الديون.
يتخوف المستثمرون في الوقت الحالي من ان الحكومات حول العالم قد تفشل في تسديد ديونها، وبالأخص الدول الأوروبية، حيث يتوقع بعض المحللين الآن بأن اليونان ستتخلف عن تسديد ديونها إلا في حال استلامها لأموال ضمن خطة إنقاذ من جيرانها الأوروبيين، في حين بدأت وكالات التصنيف في جميع أنحاء العالم بتخفيض التصنيف الائتماني بالنسبة للبلدان الأوروبية، حيث كانت البرتغال آخر الضحايا، عند قيام وكالة التصنيف Fitch بتخفيض تصنيف البرتغال الائتماني.
على أية حال فالأوضاع في الولايات المتحدة لا تزال أفضل نوعاً ما، على الرغم من أن حكومة الولايات المتحدة تواجه أيضا عجز هائل في الميزانية، ومع ذلك فلا ينبغي أن يشكل ذلك أي مشكلة لحكومة الولايات المتحدة في الوقت الراهن، على الرغم من أننا قد نشهد تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية على المدى الطويل، مع الإشارة إلى أن العجز في الموازنة الأمريكية ما زالت يشهد توسعاً، نظراً لقيام الحكومة بدعم الأنشطة الاقتصادية من خلال المزيد من خطط و إجراءات التحفيز المالي.
ولا بد لنا من الاعتراف بأن الدعم الهائل والمقدم من الحكومة الأمريكية لاحياء و انعاش النشاط الاقتصادي أسهم في عجلة التعافي والانتعاش في الاقتصاد الأمريكي، حيث تمكن اقتصاد الولايات المتحدة من النمو بنسبة 2.2 %في الربع الثالث من العام 2009 ، ومن المتوقع أن نشهد تسجل الاقتصاد الأمريكي لمعدلات نمو قوية خلال الربع الرابع من العام 2009 تبلغ 5.9%.
ساعد الارتفاع في إنفاق المستهلكين عزيزي القارئ في نمو الاقتصاد الأمريكي بتلك المعدلات المذهلة، مع الإشارة إلى أن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، ولكن هذا النمو المذهل يتعلق أيضاً بارتفاع الاستثمارات والمخزونات والمسجلة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2009 ، حيث بدأت الأوضاع الاقتصادية بالتحسن بشكل ملحوظ مما شكل قاعدة قوية للاستثمارات، في حين أن المنتجين رحبوا بعلامات التحسن الأخيرة في الظروف الاقتصادية ووفقاً لذلك فقد بدأوا في رفع مستويات مخزوناتهم من أجل مواكبة مستويات الطلب في المستقبل.
لا يزال الاقتصاد الأمريكي عزيزي القارئ بعيداً بعض الشيء عن مرحلة النمو على المدى البعيد، حيث تقف معدلات البطالة المرتفعة، إلى جانب تشديد شروط الائتمان في طريق الاقتصاد الأمريكي، ولا تزال تثقل كاهل النشاط الاقتصادي، في حين أن الدلائل التي ظهرت مؤخراً أكدت على تعثر عجلة النمو الاقتصادي في البلاد، نظراً لكون الظروف لا تزال صعبة وتواجه الكثير من التحديات، حيث سنحتاج إلى المزيد من الوقت قبيل أن يتمكن الاقتصاد الأمريكي من الاستقرار على الأقل.
وسيقوم الاقتصاد الأمريكي بإصدار القراءة النهائية لمؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك عن شهر آذار، حيث تشير التوقعات إلى ارتفاع مستويات الثقة في الاقتصاد الأمريكي لتصل إلى 73.0 بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 72.5 .
وقد شهدنا تحسن بمستويات الثقة على مدى الأشهر القليلة الماضية في ظل التحسن الذي طرأ على الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الثقة لا تزال هشة إلى حد كبير، حيث لا يزال أرباب العمل متخوفون من توظيف عمال جدد بوتيرة قوية، مما يؤثر في الواقع جميع جوانب حياة الأميركيين، ولكننا يجب أن نتوقع أن تتحسن الظروف بوتيرة ملحوظة خلال النصف الثاني من هذا العام قبيل أن يتمكن الاقتصاد الأمريكي من الوصول إلى مرحلة النمو على المدى الطويل بحلول العام المقبل 2011 .
0 التعليقات: